الكنيسة المعلقة

سميت بالمعلقة لأنها بنيت على برجين من الأبراج القديمة للحصن الرومان (حصن بابليون)، ذلك الذي كان قد بناه الإمبراطور تراجان في القرن الثاني الميلادي، وتعتبر المعلقة هي أقدم الكنائس التي لا تزال باقية في مصر. القلعة الرومانية في القاهرة القبطية (القاهرة القديمة)؛ صحنها معلق فوق ممر. يتم الاقتراب من الكنيسة من خلال تسع وعشرين درجة؛ أطلق عليها الرحالة الأوائل إلى القاهرة اسم «كنيسة الدرج». ارتفع سطح الأرض بنحو ستة أمتار منذ العصر الروماني، لذلك فإن معظم البرج الروماني مدفون تحت الأرض، مما يقلل من التأثير البصري لموقع الكنيسة المرتفع. المدخل من الشارع هو من خلال بوابات حديدية تحت قوس حجري مدبب. ثم تُرى واجهة القرن التاسع عشر ذات الأبراج المزدوجة الجرس خارج فناء ضيق مزين بتصاميم فنية توراتية حديثة. أعلى الدرجات ومن خلال المدخل يوجد فناء صغير آخر يؤدي إلى الشرفة الخارجية للقرن الحادي عشر.

بنيت الكنيسة على أنقاض مكان يقال أنه احتمت فيه العائلة المقدسة (السيدة مريم العذراء، المسيح الطفل، والقديس يوسف النجار) أثناء الثلاث سنوات التي قضوها في مصر هروبا من هيرودس حاكم فلسطين الذي كان قد أمر بقتل الأطفال تخوفا من نبوءة وردته. والبعض يرى أنها مكان لقلاية (مكان للخلوة) كان يعيش فيها أحد الرهبان النساء، في واحد من السراديب الصخرية المحفورة في المكان. جددت الكنيسة عدة مرات خلال العصر الإسلامي مرة في خلافة هارون الرشيد حينما طلب البطريرك الأنبا مرقس من الوالي الإذن بتجديد الكنيسة. ومرة في عهد العزيز بالله الفاطمي الذي سمح للبطريرك إفرام السرياني بتجديد كافة كنائس مصر، وإصلاح ما تهدم. ومرة ثالثة في عهد الظاهر لإعزاز دين الله. كانت مقرا للعديد من البطاركة منذ القرن الحادي عشر، وكان البطريرك خريستودولوس هو أول من اتخذ الكنيسة المعلقة مقرا لبابا الإسكندرية، وقد دفن بها عدد من البطاركة في القرنين الحادي عشر والثاني عشر، ولا تزال توجد لهم صور وأيقونات بالكنيسة تضاء لها الشموع، وكانت تقام بها محاكمات الكهنة، والأساقفة، ومحاكمات المهرطقين فيها أيضا، وتعتبر مزارا هاما للـأقباط، نظرا لقدمها التاريخي، وارتباط المكان بالعائلة المقدسة، ووجودها بين كنائس وأديرة لـقديسين أجلاء، فتسهل زيارتهم.

تقع واجهة الكنيسة بالناحية الغربية على شارع ماري جرجس، وهي من طابقين. وتوجد أمامها نافورة، وقد بنيت بالطابع البازيليكي الشهير المكون من 3 أجنحة وردهة أمامية وهيكل يتوزع على 3 أجزاء، وهي مستطيلة الشكل، وصغيرة نسبيا فأبعادها حوالي 23.5 متر طولا و 18.5 مترا عرضا و 9.5 مترا ارتفاعا. وهي تتكون من صحن رئيسي وجناحين صغيرين، وبينهما ثمانية أعمدة على كل جانب، وما بين الصحن والجناح الشمالي صف من ثلاثة أعمدة عليها عقود كبيرة ذات شكل مدبب، والأعمدة التي تفصل بين الأجنحة هي من الرخام فيما عدا واحدا من البازلت الأسود، والملاحظ أن بها عدد من تيجان الأعمدة «كورنثية» الطراز. وفي الجهة الشرقية من الكنيسة توجد ثلاثة هياكل هي: الأوسط يحمل اسم القديسة العذراء مريم، والأيمن باسم القديس يوحنا المعمدان، والأيسر باسم القديس ماري جرجس. أمام هذه الهياكل، توجد الأحجبة خشبية، وأهمهم الحجاب الأوسط المصنوع من الأبنوس المطعم بالعاج الشفاف، ويرجع إلى القرن الثاني عشر أو الثالث عشر، ونقش عليه بأشكال هندسية وصلبان جميلة، وتعلوه أيقونات تصور السيد المسيح على عرش، وعن يمينه مريم العذراء والملاك جبرائيل والقديس بطرس، وعلى يساره يوحنا المعمدان والملاك ميخائيل والقديس بولس، وبأعلى المذبح بداخل هذا الهيكل توجد مظلة خشبية مرتكزة على أربعة أعمدة، ومن خلفه منصة جلوس رجال الكهنوت. في الجناح الأيمن من الكنيسة، تم تعليق أجزاء من صحف قومية مصرية، على أحد الحوائط راصدة أحداث ومشاهد من التاريخ الحديث للكنيسة، المتعلقة بالأقباط في مصر، وربما أهمها ظهور السيدة مريم العذراء في كنيستها بحي الزيتون في أعقاب هزيمة حرب 1967. بعد سيامة البابا خرستوذولس انتقل من الكنيسة المرقسية بالأسكندرية إلى مصر، واتخذ كنيسة المعلقة بظاهر الفسطاط مقرًا له. كما جدد كنيسة القديس مرقريوس وجعلها كاتدرائية كبرى ومركزًا لكرسيه، وجعل أيضًا كنيسة السيدة العذراء في حي الأروام مقرًا له يأوي إليه عند اللزوم وذلك برضى أسقف بابيلون. أما سبب ذلك فهو انتقال عظمة مدينة الإسكندرية إلى مدينة القاهرة، وكثرة عدد المسيحيين فيها، ولارتباطه بالحكومة. فصار البابا يعين أسقفًا للإسكندرية باسم وكيل الكرازة المرقسية «قاموس آباء الكنيسة وقديسيها» قاموس آباء الكنيسة وقديسيها.

تحتوي الكنيسة المعلقة على 110 أيقونة، يعود أقدمها إلى القرن الثامن، لكن معظمها يعود إلى القرن الثامن عشر. ونخلة البراتي بك أهدى بعضها كهدايا عام 1898 عندما كان مشرفًا على الكنيسة. الحاجز الأيقوني و بالحاجز الأيقوني من وسط الحرم مصنوع من خشب الأبنوس مطعمة بالعاج، وتعلوه أيقونات للسيدة العذراء مريم والإثني عشر الرسل. المذبح: الشاشة والرموز صُنعت شاشة المذبح الرئيسي من خشب الأبنوس المطعمة بالعاج المحفور إلى شرائح تظهر العديد من تصميمات الصليب القبطي التي تعود إلى حوالي القرن الثاني عشر أو الثالث عشر. يوجد فوق شاشة المذبح صف طويل من سبع أيقونات كبيرة، مركزها المسيح جالس على العرش. من جهة، تصطف أيقونات العذراء مريم ورئيس الملائكة جبرائيل والقديس بطرس. من ناحية أخرى، أيقونات القديس يوحنا المعمدان ورئيس الملائكة ميخائيل والقديس بولس.